فصل: فصل تشريح الكلية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الرابع تشريح المعاء الصائم والمعاء الدقيق:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
والجزء من الأمعاء الدقيقة.
إلى قوله: كما يخلو عن عروق كبدية تأتيها لمص وجذب.
الشرح:
زيادة هضم الأمعاء الدقيقة على الأمعاء الغليظة ليست بجواهرها فإن الجوهر الدقيق أقل حصرًا للحرارة لكن استيلاء الأجرام الأخرى عليه أكثر لأن الرقيق يتمكن بقوة المجاورة له من النفوذ في جرمه أكثر فإذا كان ذلك العضو المجاور ذا قوة قوية الهضم كما هو المجاور للأمعاء الدقاق جرم الكبد وهي قوية الهضم جدًّا كان هضم ذلك الرقيق بذلك أكثر فلذلك يكون هضم هذه الأمعاء الدقاق بسبب مجاورتها للكبد أشد من هضم الأمعاء الغلاظ بكثير وأما الأمعاء الغلاظ فإن قوتها على دفع ما في داخلها وإخراجه أقوى كثيرًا من قوة الأمعاء الدقاق وذلك لأن الأمعاء الدقاق في غالب تكون ما في داخلها سيالًا شديد القبول للتحرك والسيلان فلذلك يكفي في دفعه إلى الأمعاء الأخر أيسر قوة فلذلك لم يحتج أن يخلق قوى هذه الأمعاء قوية الدفع.
ولا كذلك الأمعاء الغلاظ فإن ما في داخلها في أكثر الأمر يكون غليظًا عسر الإجابة إلى الاندفاع فلذلك احتيج أن تخلق قواها الدافعة قوية وأما هضمها بذواتها فقد يكون أقوى بكثير من هضوم الأمعاء الدقاق بذواتها وأما الهضم بسبب مجاورتها الكبد فإنه في الدقاق أقوى لأجل قربها من الكبد مع رقة جرمها. والله ولي التوفيق.

.البحث الخامس الكلام في بقية الأمعاء وهي الأمعاء الغلاظ:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
ويتصل بأسفل الدقاق معاء يسمى الأعور.
إلى قوله: أكثر من عضل الكبد لحاجتها إلى حس كثير.
الشرح:
إن هذا المعاء المسمى بالأعور اختص بأمور: أحدها: أنه ذو فم واحد يدخل فيه الغذاء من المعاء المعروف بالدقاق ومن ذلك الفم يخرج منه المعاء المسمى قولون.
وثانيها: أن هذا المعاء مع أنه من الغلاظ فإن هضمه أقوى من هضم جميع الأمعاء غليظها ورقيقها وإنما كان كذلك لأنه مع قربه من الكبد فإن الغذاء فيه ثابت لا يتحرك من موضع إلى غيره وذلك أقوى الأسباب على قوة الهضم فلذلك في هذا المعاء يتم هضم جميع ما فات المعدة إتمام هضمه فلذلك نسبته إلى الأمعاء الغلاظ الأخر كنسبة المعدة إلى الأمعاء الدقاق.
وثالثها: إنه مع أن الثفل يدوم فيه مدة طويلة فإنه شديد الإعانة على دفعه جملة وذلك لأن الشيء القليل قد يعسر دفعه بطريق العصر بخلاف الكثير المجتمع فإن جرم العصر يتمكن منه أكثر من تمكنه من القليل المتفرق. وباقي ألفاظ الكتاب ظاهرة. والله ولي التوفيق.

.فصل تشريح الكلية:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
حلقت الكلية آلة تنقي الدم.
إلى قوله: فيأتيها شريان له قدر من الشريان الذي يأتي الكبد.
الشرح:
إن بقاء لبدن بدون الغذاء محال واغتذاؤه إنما يمكن بعد فعل الكبد في الغذاء وإنما يمكن ذلك بأن يكون الغذاء ينفذ في الكبد في عروق شديدة الضيق جدًّا لتكون الكبد كأنها بجميع أجزائها ملاقية للغذاء فيكون فعلها فيه أتم وأقوى وأسرع ونفوذ الغذاء في تلك العروق إنما يمكن بأن يترقق قوامه جدًّا وذلك إنما يمكن بأحد أمرين: إما حرارة شديدة الإفراط مذيبة للأغذية كما يكون في أبدان الجوارح فإن تلك تبلغ من قوة حرارتها أن تذيب ما يلقاه من الأغذية ولو الكثيفة الجرم جدًّا وأما كثرة مخالطته من الماء فإن الماء قوامه رقيق جدًّا فإذا خالط الأغذية مخالطة تامة بالطبخ التام كما في طبخ المعدة ويلزم ذلك ترقق قوام المجموع الحاصل من الماء ومن تلك الأغذية وحرارة بدن الإنسان ونحوه من الماشية ليست تقوى على إذابة الأغذية كما هي حرارة أبدان الجوارح فلا بد من أن يكون وفق قوام الأغذية في الإنسان ونحوه وإنما هو بكثرة مخالطة المائية وهذه المائية الكثيرة إما أن تكون قوة حرارة البدن فيها شديدة كما يكون في أبدان الطيور أو لا تكون كذلك فإن كان الأول لم يضر البدن مخالطة تلك المائية الكثيرة الأغذية لأن قوة حرارته تحلل ما يخالط غذاه من تلك المائية فلذلك لا يحتاج إلى إخراجها بالبول كما في أبدان الطيور فإن من الطيور ما يشرب الماء كثيرًا ومع ذلك فلا يبول وذلك لأن قوة حرارة بدن ذلك الطير تحلل المائية الزائدة فلا يتضرر بدنه بما يصحب غذاءه منها وإن كان الثاني وهو أن يكون البدن الذي يحتاج إلى ترقيق غذائه بكثرة المائية ليس له حرارة شديدة يفي بتحليل تلك المائية فإما أن يكون أعضاؤه كثيرة المائية حتى تكون محتاجة إلى تلك المائية الزائدة في تغذيتها كما في السمك أيضًا فهذا أيضًا لا يتضرر أعضاؤه بكثرة المائية فلذلك السمك أيضًا لا يبول أو لا تكون أعضاؤه كثيرة المائية كما في الإنسان ونحوه من الماشية فهذا الحيوان يحتاج إلى إخراج تلك المائية الزائدة بالبول لئلا يفسد غذاؤه وترهله فيصير حاله كحال البدن الذي به استسقاء لحمي وإنما يمكن إخراج تلك المائية ودفعها بعد فراغ المقصود منها وهو الحاجة إلى ترقيق قوام الأغذية ليتمكن نفوذها في عروق الكبد وذلك إنما يكون بعد انفصال ذلك وإنما يمكن ذلك بعد خروجه من حدبتها وإنما يمكن ذلك بأن تتميز تلك المائية وتنجذب إلى حيث تندفع بالبول وإنما يمكن هذا التمييز بأن يجتذب الأعضاء الأخر من ذلك الغذاء ما هو صالح لتغذيتها وذلك هو الدم الجيد المتين فلذلك يبقى الدم المائي في خارج حدبة الكبد متميزًا عن ذلك الدم المتين بسبب جذب الأعضاء لذلك الدم وإذا تميز هذا الدم المائي فإنما يمكن نفوذه إلى حيث يخرج بالبول بانجذابه إلى ذلك الموضع الذي يكون فيه الدم الثاني متميزًا هو عند حدبة الكبد وهو بعيد جدًّا هو مجاري البول المتصلة بالمثانة فإن كل واحد من هذين يجب أن يكون في أسافل البدن على ما تعرفه بعد فلا بد من عضو آخر يقوى على جذب هذا الدم المائي وذلك بان يكون موضع ذلك العضو بين المثانة وبين محدب الكبد ليكون أقرب إلى هذا المحدب فيكون قريبًا من الدم المائي المتميز ولا بد أن يكون مع ذلك قوى الجذب إنما يمكن ذلك بأن يكون مزاجه حارًا فإن الحرارة تعين على الجذب وإنما يكون ذلك العضو كذلك إذا كان لحميًا لذلك احتيج أن يكون بين المثانة ومحدب الكبد عضو حار لحمي قوى الجذب للدم المائي وذلك هو الكليتان.
ولقائل أن يقول: إن هذا لا يصح وذلك لأن كل عضو فإنه إنما يجذب مادة ليتغذى منها فالغذاء لا بد من أن يكون شبيهًا بالمغتذي وجوهر الكليتين كثيف أرضي وذلك ما لا يناسبه ولا وجوابه: أن جذب الكليتين للدم المائي لا يلزم أن يكون لتغذية جميع أجزائها فإن جرم الكلية وإن كان صلبًا كثير الأرضية فإن الشحم الكثير الذي يحتف بها جوهره جوهر مائي فلذلك إنما يتغذى بما فيه بكثير المائية جدًّا وذلك الدم المائي لا بد فيه من دم متين وذلك الدم المتين يقوم بغذاء جرم الكلية وما يبقى من الدم كثير المائية قليل الدموية جدًّا تصرفه الكلية إلى غذاء الشحم فلذلك يكون جذب الكلية لذلك الدم المائي ليس لما يغتذي به جوهرها فقط بل لتغذية جوهرها وتغذية شحمها فإن قيل وما السبب في خلقة الكلية كذلك وهلا كانت بجملة أجزائها من طبيعة واحدة وذلك بأن يكون من لحم رخو يصلح لأن يغتذي بهذا الدم المائي قلنا هذا لا يمكن.
وذلك لأن جرم الكلية يحتاج أن يكون قوي الحرارة جدًّا ليقوى على جذب هذا الدم مع بعده وليفي بتسخين أسفل الظهر فإن أسفل الظهر يغلب عليه البرد جدًّا وذلك لكثرة الأعضاء الباردة هناك وهي العظام والأغشية وجوهر العروق والأعصاب خاصة وهو لأجل بعده عن القلب يقل تسخنه بحرارته فلذلك يحتاج إلى عضو شديد الحرارة يتسخن به وذلك هو الكلى وهي بذاتها شديدة الحرارة وأحر كثيرًا من الطحال لكن الطحال أكثر حرارة منها إذا اعتبرت الكلية هي وما عليها من الشحم.
وأما جرم الكلية نفسه فهو أشد حرارة من الطحال وإن هذا العضو يحتاج أن يكون شديد الحرارة فلا يمكن أن يكون جوهره لحمًا رخوًا فإن اللحوم الرخوة لا بد من أن تكون كثيرة الرطوبة وإنما يمكن ذلك إذا لم تكن الحرارة كثيرة فيها قوية شديدة التحليل للرطوبات ولذلك جرم الكلية لا يمكن أن يكون من لحم رخو فلا بد من أن يكون من لحم صلب والأعضاء التي في أسفل الظهر مع أنها باردة فهي أيضًا يابسة كالعظام الأغشية والأعصاب وطبقات العروق.
فلذلك الموضع يحتاج أيضًا إلى عضو يوطنه وإنما يكون ذلك حارًا.
كما أن العضو الحار جدًّا لا يمكن أن يكون كثير الرطوبة فلا بد من أن يكون ذلك العضو الرطب مغايرًا للعضو المسخن وجرم الكلية مسخن بقوة وجرم الشحم مرطب بقوة مع أنه ليس بمبرد لأن الجرم الشحمي بما يفعله من السخونة لا بد من أن يكون مسخنًا فلذلك اجتمعت هاتان المنفعتان في الكليتين فخلق جرمها حارًا وشحمها مرطبًا ومجموعها يغتذي بدم ما في جرمها يغتذي كما في ذلك الدم من الدم المنتن وشحمها تغتذي بالباقي من ذلك المجموع أعني الدم المائي وكل واحد من جانبي أسفل الظهر يحتاج إلى ما قلناه من التسخين والترطيب ولذلك احتيج أن يكون في كل جانب كلية ولو خلق للجانبين كلية واحدة لكانت هذه الكلية إن وضعت في الوسط فلا يخلو إما أن تكون عظيمة جدًّا حتى تصل مع ذلك إلى الجانبين فتزاحم الأعضاء التي هناك أو تكون صغيرة فيكون تسخينها إنما هو توسط اسفل الظهر فيكون تسخينها حيث لا يحتاج إلى تسخين لأن هذا الوسط يتسخن بالشريان والوريد العظيمين عليه ويبقى جانبا أسفل الظهر بغير مسخن فلذلك لا بد من كليتين ولا يتم المقصود بواحدة وللكليتين منفعة أخرى غير ما ذكرناه وهي أنهما يعينان على تمام تكون المني وذلك بإسخانهما الدم النافذ في العروق الواصلة بينهما وبين الأنثيين وذلك هو الذي تنصب إليه المادة النازلة من الدماغ في عظام الصلب التي هي كالخميرة للمني فيحيل ذلك الدم إلى طبيعتها ويصير المجموع منيًا ولذلك فإن صاحب الكلى الحارة باعتدال يكون كثير المني قويًّا في الجماع والله ولي التوفيق.